1200 مغربي ضمن مقاتلي الجاهديين في سوريا والعراق

بعضهم تبرأ ممن حملهم الوصم الذي قاد اسم العائلة إلى اتهام يتجاوز الحدود، والآخرون مازالوا في مراحل الصدمة التي لا أجل لها، والبقية تضرب بالصمت على حالها بعد أن اختلط نسبها باسم التنظيم الذي ابتدع كل أشكال التعذيب والقتل والإبادات الجماعية والتحرر من المواثيق الأخلاقية التي تفصل بين الأصل الإنساني والحيواني. هم عائلات المجاهدين في التنظيم الإرهابي «داعش»، لاكتهم الاتهامات، وبردت مشاعرهم الصدمة، فصار الحال يجبر على تقاسم لحظة بوح.

هم الرقم المفجع في القائمة المهولة : 1200 مغربي ضمن مقاتلي الجاهديين في سوريا والعراق، بينهم من قتل، وحمل العائلة ما لا طاقة لها به، وبينهم من مازال يحسب نفسه في مهمة لا تسمو عليها الروح ولا الأولاد ولا الروابط العائلية..ولا حتى المنطق الديني والاجتماعي والأخلاقي. لذلك رهن كل شيء بإنجاز يتم تحت سلطة قطع الرؤوس، وشرعنة القتل، وإباحة جسد النساء باسم نكاح الجهاد، وتصدير سادية التلذذ بالقتلى عبر التنكيل برؤوس مفصولة عن أجسادها، والتوثيق المصور للحظة الإعدامات والذبح. وخلف صورة الجهادي الإرهابي اسم عائلي مشترك، لم يكن سهلا  ولا متحملا بالنسبة للعائلة، أن يصير إحالة على واحدة من أكثر الظواهر إرهابا اليوم. كما لم يصبح سهلا عنها الفصل بين ملامح المتهم السابقة، وملامحه المقرونة بالقتل تحت مظلة داعش، والتي لم تنسيهم بعضا من تفاصيل الشخصية التي ولدت وكبرت وتربت في حضن لم يربيها على قتل النفس.
شهر يوليوز من هذه السنة، كان فارقة في حياة عائلة كمال أبو مروة من الجماعة القروية ولاد سعيد إقليم بني ملال، حين خرجت من وهم هجرة ابنها إلى المملكة العربية السعودية بناء على عقد عمل هناك، وهو مشروع حياة جديد كلفه ترك مكتبته الخاصة لبيع الكتب، ونسخ الوثائق بمقر إقامته بولاد سعيد الواد، ليقرر الرحيل مع زوجته وأولاده. الوجهة كانت مغرية لأفراد عائلة تعرف أن مجالها الجغرافي يعاني من عطالة العائدين من المهجر بعد الأزمة المالية، ومن غياب جاذبية الحياة اليومية فيه، كما يتباهى منتسبوه بفرصة الانتساب للخارج. ربيعة شقيقة كمال حملت معها علامات استفهام حارقة، بدل الإجابة عن أسئلتنا وهي تسترجع تفاصيل من حياته التي تعتبرها أكثر من عادية. غير أن الخوف من الاسترسال كان يفرض عليها الاحتراز من قول كل شيء دفعة واحدة، بيقين كبير في أن هاتفها مراقب : “لا شيء في سلوكه كان يوحي بأنه مشروع مجاهد، أو أن التزامه سيقوده يوما إلى أن يغلف الالتحاق بصفوف المقاتلين في سوريا بكذبة سفره إلى السعودية حسب ما أخبرنا به. ودعناه على أساس أنه مقبل على حياة بجودة الخليج، وأن شخصيته الملتزمة تفرض عليه أن تكون زوجته المنقبة وأولاده معه في اختيار الهجرة لبلد عربي. هكذا فهمنا وتفهمنا مغادرته لنا منذ فبراير 2014 ، لكن بفرحة كبيرة في أن يحسن من وضعه، وهو الأمر الذي جعلنا نستأنس بذكرياته التي كانت بدون عقد التشدد التي تجعل سلوك الكثيرين متطرفا حتى في مجالسة ومصاحبة الجيران والأقارب، بخلاف هذا، الكل في العائلة القريبة يشهد بطبعه الاجتماعي، ومجالسته للناس بمن فيهم بنات الحي. الكل كان يعرف أن كمال لم يفقد في طبعه طباع ولاد الدرب، حيث الكل يصبح أهلا. لذلك صدمنا يوم تم إخبارنا أنه كان مجندا في صفوف داعش، وأنه كان يقوم بدور القائد كما أظهر فيديو على اليوتوب، وهو يقدم تعليماته بلباس المحاربين. لا أعرف ما أقول لك عن  حالة والدته وإخوانه، بعدما انتشر فيديو مقتله مدعوما بصورته وهو يحرض المنضوين تحت لواء التظيم ؟ تقول ربيعة التي لم تعلق سبب التحاقه بالمجندين على وضع شاذ، “له مصدر عيش وعائلة ماذا يريد أكثر؟” تتساءل.
حلقة مفقودة في شهادات أهل المجندين في صفوف الظاهرة الداعشية، تبقى مفتوحة على أكثر من سؤال صعب الحصول على إجابات شافية عنه منهم. إذ تعتيم صارم عن حقائق حملتها معي عن عائلة كمال لم أجد تأكيدا عليها من قبل شقيقته، حيث نفس مصير الانتساب لمجندي داعش، تواصل بالتحاق أصغر بنات العائلة رفقة زوجها بالتنظيم عبر تركيا، سلوى 15 سنة، المحجبة والمتزوجة بقاصر لا يتجاوز عمره السابعة عشر عاما، قطعت أوصال واحدة في عمر الشباب لتقلب موازين القوة للتطرف والإرهاب. صديقاتها بالحي يؤكدن أنه، لوقت قريب، كانت تعيش بنفس مراهقة حتى وهي محجبة، وأن أنفاس شابة مقبلة على المغامرات لم تفارقها حتى بعد أن أوقفتها العائلة عن مواصلة دراستها بسبب “الطيش”. فقد كانت تدعم اعتكافها الاضطراري بالبيت، بمساجات من هاتفها الخلوي، مرة تطلب تعبئة، ومرات ترسل نكتا في قمة التفتح والجرأة، كما أن مشاعرها مفتوحة على علاقات من بعيد. لكن الأكيد في كل ذلك، هو أنها هربت بصحبة مجند كان قاصرا إلى حيث نظام الحياة يفرض الجهاد، وأنها أنجبت هناك. ليفتح قوس جديد عن أبناء صغار يعززون الانتساب للتنظيم الإرهابي بعد وفاة أبائهم، أو بعد ما صار المجال الإرهابي للتنظيم هو موطن الولادة.

بروفايلات متحولة
في رأي مدير المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية ظمحمد بن حمو، أنه حتى حدود انفجارات الحادي عشر من شتنبر، كانت هناك بروفايلات محددة للإرهابيين من حيث الشكل. إذ اللحية، والحلاقة ونوعية اللباس..والحركات هي ما يكشف عنهم، ثم من حيث الخطاب والمصطلحات المتكررة أكثر من غيرها، كون هؤلاء حريصين على ترديد “سبحان لله” في كل السياقات، فيما طريق أداء الصلاة تميزهم عن غيرهم بشكل كبير..لكن بعد ذلك، صار بروفايل الإرهابي يخضع للتعتيم من قبله، حيث نفس البروفايل الذي لا يتحدث إلا فيما يريده هو. هو ذاته الذي قد يفاجئك بالتنكيت في مواضيع محرجة وجريئة وغالبيتها نكت جنسية، هذا نوع من التعتيم الذي صار يمارسه الإرهابي لتمويه حقيقته ليبعد عنه شبهة التصنيف. لذلك قدمت لنا أحداث باريس الإرهابية، نموذجا لهذا البروفايل وهو الإيراني الذي طمس كل معالم شخصيته الإرهابية، خلف رجل العلبات الليلية والنساء والخمر بعد الانتهاء من عمله بالسفارة الإيرانية، وهو ما جعل الكل يستبعده من دائرة المراقبة إلى أن نفذ عمليته الإرهابية. وقبل هذا الموعد، كانت أحداث أخرى قد كشفت عن بروفايل الإرهابي بحذاء رياضي معزز بعلامات عالمية راقية، وبشعر مشدود على الطريقة العصرية، أو بحلاقة الرأس وسراويل الجينز. هذا يجعل ضبط وتحديد الشخصية الإرهابية صعبا، من ثم يصعب على العائلات أن تتلمس التطرف في شخصية مقربيها بشكل كامل. لذلك يصر بن حمو على أنها الظاهرة المتحولة والمتغيرة باستمرار.

العائلة على هامش الجهاد
بمدينة بن سليمان حكاية محمد على لسان شقيقته، تفتح ملفا آخر من ملفات المغاربة المجندين في صفوف مقاتلي داعش. رجل بكاريزما المواظب على الشعائر الدينية ، وعلى الشكل التقليدي للملتزم الذي يقدم مظهره باللباس الأفغاني، واللحية المصبوغة، نزعته المتطرفة من دون مراوغة. ينتمي بالإقامة إلى إحدى المناطق السوداء لتجمع المتشددين، وهي سيدي الطيبي بمدينة القنيطرة، منطقة كان لها في السنوات الأخيرة وضع استثنائي بظهور حالات من الزيجات التي ارتبطت فيما بينها ب “زوجتك نفسي”. هناك نبتت عائلات من دون عقود زواج،  ولا سجلات مدنية لأطفالها. ولأن الوضع خارج كل الضوابط القانونية حسب ميولات المتطرفين المتنكرين للشرائع الوضعية، تفرخت مجموعات من المنقبات و”الملتزمين” المنساقين خلف الدعوات الجهادية والإرهابية،  التي لا تعلوا عليها المسؤولية الأسرية ولا العائلية.  داخل هذا المنبت، كان يعيش محمد الذي ترك أسرته للمجهول، من أجل صنم الدولة الإسلامية المنشودة في خيالات الفكر الديني المتطرف الذي ينتسب إليه. “هو كان يصلي ويصوم ومتشدد في أمر النقاب الذي تضعه زوجته، تقول شقيقة محمد التي كانت تربطها به علاقة قوية لدرجة اختلاط الأوراق عليها بعد أن صار في حكم التنظيم الداعشي، إذ الوضع يدفعها في كل مرة لسؤال استنكاري “شنو بغا بهادشي، كان خدام ومكافح مع ولادو، ومعروف بتجارته في الأعشاب الطبية والزيوت الطبيعية التي كان يشتريها من مزوديه بسلا ليعيد بيعها بأثمنة تفضيلية، وهي نفس الطريق الذي سلكته زوجته بعدما قرر الرحيل إلى سوريا. المأساة التي تنقلها الأخت الستينية للجهاي بحرقة زائدة، في شقيق قريبة منه، لا يعفيها من تأكيد أنه يتصل بزوجته هاتفيا. وقد أخبرها أنه يشتغل هناك كسائق لشاحنة نقل الأسلحة، كما اتصل بهم في عيد الأضحى، لكن الكل بدأ يتهرب من الحديث معه خصوصا ابنتها التي صارت تتبرأ منه خوفا على مستقبلها المهني. ولأن روابط الدم لا تجففها نيران عدوة، تبقي أخت محمد قوس السؤال مفتوحا «شنو كان خاسو ..زاد علينا هم ولادو ومراتوا اللي خرجت تخدم على راسها، وأنا مضطرة لزيارتهم رغم صعوبات وضع  التنقل بين بن سليمان وسيد الطيبي ؟ّ».

نزيف الوصم
هي الدوامة ذاتها التي تدور في فلكها عائلات الملتحقين بصفوف المقاتلين في التنظيم الذي يعتبره المختصون الأخطر في سلسلة الجماعات الإرهابية المتطرفة، سؤال لما وكيف ؟ يظل حارقا بنفس درجة حرقة الوصم التي جعلت أسمائها العائلية في مربع التهمة والوصم. تهمة قد تكون انعكاساتها النفسية أقل درجة من الوصم الاجتماعي والأمني، الذي يرفع من مثيرات المراقبة والخوف من نبت جهادي جديد، من داخل الاسم العائلي ذاته، أو قد يجعل المتبقين المشروع السهل تنميته من قبل المجند عبر التواصل أو حين عودته. هكذا تنعكس أفكارهم الصامتة على محياهم ، أو من خلال الحديث إليهم. خوف، وأسئلة حارقة، واتهام رغم المواساة خصوصا، عندما تصل أخبار عن وفاة الملتحق بصفوف القتل والمقاتلين. وضعية ليست طبيعية بأي حال، مادام فرد من حامل الاسم العائلي حول كل الأفراد إلى علامة استفهام في عيون المحيط الأمني والاجتماعي.

النساء معادلة سهلة..صعبة
النساء في التنظيم الداعشي رقم رابح، أو هو بتعبير المختصين المعادلة السهلة في الدور الصعب. اليوم لا تطرح داعش النساء للتجنيد داخل صفوفها من باب التطبيق المرضي لنكاح الجهاد فقط، بل تحولن إلى المحرك الأساسي على الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لاستمالة المجاهدات، أو المتعاطفات مع التنظيم. من داخل هذا البعد في تدعيم الصفوف، تتصدر فتيحة المجاطي قائمة النشيطات عبر الأنترنت لأداء مهمة لا تقل أهمية عن التحفيز المباشر، أو حتى التدريب في معسكرات الجهاديين. ولأن للإسم سجل في الذاكرة الأمنية الذي يحيل على عائلة بسوابق إرهابية يتصدرها اسم الزوج عبد الكريم المجاطي، والأبناء إلياس وآدم، يظل سؤال مفهوم العائلة في الفكر الإرهابي محتد في الطرح عندما يصبح الكل مشروع منتحر أو قاتل إرهابي ؟
تشدد أسماء الصبار، مكلفة بقضايا الهجرة بالمركز المغربي للدراسات الإستراتجية والأمنية، على أن الجهاد مقدس لدى العائلات التي تحمل الفكر المتطرف. لذلك لا يعيشون حياة طبيعية،  كون التشبع بالفكر الجهادي يجعل حتى الأبناء هم رهن إشارة الدعوة والموت في سبيل ما يوهمون به أحلامهم. إذ الابن هو صدقة جارية لتطعيم وتزكية الفكر المأمول، والتصدق هو تقديم حياته للجهاد، لذلك كان الحلم بتنظيم الدولة الإسلامية هو الخلاص بالنسبة لمن يوظفون الدين لخدمة أغراض تستهل حتى القتل والإرهاب لتحقيقها. واعتبرت أن ما يميز الجيل الجديد من الجهاديين هو الحضور اللافت للنساء. هؤلاء لهن كتيبة خاصة بهن،  تسمى كتيبة الخنساء، وهي تجمع مختلف الجنسيات. يشتغلن في العلاج والتطبيب والجانب اللوجستيكي، وإعداد المؤن، ومعالجة الأسلحة الخفيفة. كما أن دورهن حيوي على الأنترنت للتحريض على تجنيد المقاتلين. هذا لا ينفي توظيفهن في الزواج بالمجاهدين خصوصا الفتيات القصيرات، وقد يتكرر زواج الواحدة لأكثر من مرة بمجرد وفاة زوجها، وهو ما جعل احترام عدة الأرملة في هذا النظام مستحيلا.

نعيمة الحاجي –  صور رضا العاجي

العلامة الرياضية الشهيرة تفتتح ثاني فروعها في مدينة الدار البيضاء، والثالث في المغرب، ضمن إطار شراكتها المستمرة مع "بلانيت سبورت" لتعزيز حضورها في السوق المحلي.
هي «لالة فقيهتي» في برنامج «ألف لام» الذي أعدته وقدمته للتلفزيون المغربي، ومحجوبة في حياة في وحل، ونعيمة في برنامج الحكاية الإذاعي، وهي الراوية في «الحبيبة مي»، ولالة ربيعة في «البحث عن زوج امرأتي». بعض من أدوارها الكثيرة والمتنوعة التي ترسخت في ذاكرة جمهور السينما والتلفزيون والمسرح والإذاعة، لتكشف عن فنانة رسخت إسمها بعمق إنساني كبير هي نعيمة المشرقي.
العلاقة الجنسية المثالية هي مفهوم شخصي للغاية، ويختلف من شخص لآخر. الخبراء يؤكدون على عناصر مفاتيح وهي التواصل، الاحترام، والقدرة على النمو والتطور معاً.