رسائل البيت

هل تبقي البيوت على روائحها القديمة، سألت العزيزة إزميرالدا وهي تحملني من غرفة لأخرى ومن بيت لآخر. كان ذلك بمثابة موعد لي مع الغرف القديمة حيث تختبىء الأسرار وتسري في الجدران.
حدثتني عن إحدى الغرف التي اكتشفت مؤخرا للشيخ إبراهيم في إحدى منازله القديمة بالبحرين، وعن الرسائل التي تركها بخط يده. وكنت أستعيد الرسالة التي قرأتها في ذلك الصباح في مركز الشيخ إبراهيم، إذ استوقفتني العبارة التي يتحدث فيها عن محن العرب وعبث يد الأجنبي بهم…وتساءلت مع نفسي : هل محن العرب لا تنتهي لأنها لا تنفك تتكرر بصور أخرى ولأننا ما زلنا نستعيد نفس الأشياء رغم أن للعرب حضارات قديمة ؟
وكنت أشعر برسائل أخرى، رسائل المكان الذي يصبح قديما. هل يحلو لأنه تقادم أكثر أم لأن لكل مكان روائحه وذكرياته التي تتعتق مع مرور الزمن ويصبح لها جداول لا تنتهي؟. جلست في المكان وأنا أستمع لإحدى مطالع القصائد الجميلة، وبقيت في ذاكرتي تتردد : “أتذكر من أهوى…” كان هذا المطلع من القصيدة يحيل على الغرف القديمة، كيف أن الحنين للمنازل الأولى يكون قويا وكأنه يفوح بالتاريخ وعبق الزمن والأيادي التي مرت من هنا وخطت على الجدار وتركت بصماتها في الهواء. كان موعدا مع الغرف البعيدة في الزمن، وكأن الحنين إلى الأزمنة القديمة يشدنا أكثر، وهذا ما يجعل العديد من الأنتيكات تغلو مع تقادم الزمن، لأنها من الحتمي أنها تتضمن في طياتها البعد عن التاريخ الأول الذي شدها إلى الحياة. وكم تتحول المقطوعات الكلاسيكية القديمة في الموسيقى إلى تراث حقيقي للشعوب، كما الفن والآثار والعديد من البيوت القديمة، التي نشعر إزاءها بروائح الذين عبروا وتركوا ملامحهم السرية في أمكنتهم الخاصة. كانت صديقتي ترفض أن تغير المنزل القديم بعد أن غادر زوجها هذا العالم. كانت ترى في كل الغرف روائحه القديمة وذكريات الزمن، وكنت أرى أن للبيوت ذاكرتها أيضا، لأن لها رموز وأشياء خاصة تدفئ الناس الآخرين. وكانت حين تتعب من كل العالم، تجلس إلى المكان لتفتح أسراره وتقبله من جديد ثم تستودعه في السر كمن يمتلك مفاتيح قديمة.
ولكن هل يتلقى الناس رسائل الغرف القديمة بنفس الروح والإحساس والانتظار؟
من المؤكد أنه لا يحدث للمتلقي نفس الأثر، فكل متلق لهذه الرسائل يختلف أيضا، من شخص لآخر، لأن حاملي البيوت يختلفون من نفس لنفس آخر. نحن لا نستودع الأسرار بنفس الصورة، ولا نحلم بالبيوت بنفس الوتيرة ولا بنفس الدهشة ولا بنفس التاريخ، ولذا بعض الرسائل القديمة تنتظر متلقفيها الخاصين وكأن لها
موعد معهم، بل إنها تنتظرهم بشوق وتشعر بهم وهم يعبرون ويمسكون بما تبقى من أشياء قديمة، وكأنها تقول : هذه الرسالة لك وحدك، وهي تنتظر هذا الموعد الخاص. لا تنفك الغرف والبيوت عن أن تبعث رسائل خاصة، ولذا قدر هذه الأمكنة هي أنها تنتظر مواعيدها مع أناس كانت تحلم بهم وهم سيزورونها في الآتي البعيد أيضا، وقدر هذه الأمكنة أيضا، أن لها تاريخ مضى، وهي لا تصمت عن تذكر هذا الحنين… لا يمكنني أن أنسى المتنبي ووجع المنازل القديمة”
لك يا منازل في القلوب منازل          أقفرت أنت وهن منك أواهل

سلط المسلسل الضوء على واقع المرأة المغربية من خلال شخصيات تعيش في مستويات اجتماعية مرتفعة، بينما تخفي معاناتها الحقيقية خلف صور السعادة على وسائل التواصل الاجتماعي.
بمؤسسة دار بلارج، التي تحضن موضوع روبرتاجنا عن الأمهات الموهوبات، وجدناهن قد تجاوزن وصم « بدون» الذي كان يوصم بطائق تعريف بعضهن في زمن ما لأنهن ربات بيوت، حصلن على جائزة المونودراما بقرطاج عن مسرحية كتبنها، شخصنها، وعرضنها فوق خشبة مسرح عالمي. والحصيلة مواهب في فن يصنف أبا للفنون، اشتغلت عليها مؤسسة دار بلارج وأخرجتها من عنق الحومة والدرب وجدران البيوت القديمة التي لم يكن دورهن فيها يقدر إلا ب»بدون».
الأبيض والأسود لونين أساسيين في مجموعات عروض أزياء أسبوع الموضة بباريس.