التمثلات عن السعادة…

الضحك رديف للسعادة لا شيء أبلغ من الضحك كتعبير مباشر عن شعور بالسعادة، انها الفكرة التي استثمرت فيها «صوفيا بنتامي» الكوتش التي ابتكرت «دردشة ثيرابي».

المغاربة حائرون…يفكرون..عن السعادة يبحثون..

يحمل الخطاب اليومي للمغاربة بعض العناصر التي تشير الى علاقة غير رائقة مع فكرة السعادة، يضحك الكثير منا ملء قفاهم، لكن سرعان ما يتبعون وصلة الضحك بعبارة شهيرة «الله يخرج هذا الضحك على خير»، وفي الخطاب اليومي دائما تحبل الكثير من العبارات بمشاعر ملتبسة «غير عدي وغي سلك وصافي» هناك نوع من التطبيع مع الخوف من السعادة وإعلانها ، المغاربة يخافون من الفرح، يخافون من عواقب السعادة كما لو أن الفرح جريمة، تحدثنا بشرى «استاذة التعليم الفني» يجب أن نسائل الخطاب الذي نتبناه عن الحياة عموما، هناك ما يشبه خوفا دفينا من معانقة الحياة والانطلاق، وهذا بسبب تراكمات كبيرة من الثقافة المجتمعية، تترجم نفسها عبر الأمثلة الشعبية وعبر بعض العبارات الدارجة، لكن بشرى تعود للتوقف عند الصورة الكاملة، فالمغاربة أيضا «شعب اجتماعي يتقاسم لحظات السعادة البسيطة، و هو ميال الى الضحك حتى على معاناته، وهذا الخطاب يجد نقيضه اليوم مع ما نراه اليوم من طلب متنامي على الكوتشينغ وطلب الرفاهية من خلال تحسين العلاقات الاجتماعية، المهنية وغيرها، واللجوء الى العلاجات بالفن…يخفي ذلك طلبا على السعادة وتغييرا في التمثلات عنها وفي الوسائل التي تقود اليها».تستطرد بشرى لاضافة جزئية دالة «هناك وعي كبير بضرورة إسعاد النفس والتحلي بالايجابية من طرف النساء التي أعتبرهن صانعات السعادة لهن ولمن حولهن …أكثر المنخرطين في ورشات التنمية الذاتية هم نساء، نفس الشئ بالنسبة للكورالات، للعلاجات بالمسرح أو الدراما، الغناء…».

ثيرابي الضحك 

وسط زحمة الحياة، ضغط المسؤوليات والشعور العام بالتغيير الجارف الذي يعرفه العالم، يطور المغاربة كل يوم سبلا مختلفة لتجاوز صعوبات الحياة، مداخل مختلفة لتخفيف الضغط والنظر الى الحياة بنظارات مختلفة : الدعم النفسي، الرياضة، اللقاءات الجماعية، السفر، الكورالات والغناء، دروس وحصص التنمية والكوتشينغ، العلاج بالفن…هي بعض من من الطرق التي يلجأ اليها البعض من أجل تحسين لياقته والبحث عن السعادة المشتهاة.

الضحك رديف للسعادة لا شيء أبلغ من الضحك كتعبير مباشر عن شعور بالسعادة، انها الفكرة التي استثمرت فيها «صوفيا بنتامي» الكوتش التي ابتكرت «دردشة ثيرابي» حيث يجتمع اشخاص مختلفو المشارب والفئات العمرية، لكنهم يتوحدون في البحث عن وصفة السعادة، «الضحك معدي» تقول صوفيا التي تؤكد ان السعادة هي نمط تفكير إيجابي… المبتدأ والمنتهى فيه هو الضحك و الابتسام «المغاربة، يحبون الضحك، المزاح، تبادل النكات… يجب أن نحافظ على هذه العادة، علينا أن نضحك مع بعضنا البعض، ومع أنفسنا أيضا، لأن الضحك يعزز الشعور بالسعادة من خلال تحفيز إفراز هرمون الاندورفين».

ابتكرت صوفيا ورشات «دردشة مع صوفيا» للعلاج بالضحك.

لاحقًا، تطورت الورشة واتخذت شكلا جديدا مع مؤسستها، صوفيا الخنسا بنتامي، المدربة في تقنيات التواصل، العلاج بالضحك، وعلم النفس الإيجابي، 

تنظم صوفيا ورشات العلاج شهريا، وتقام غالبًا في الهواء الطلق، سواء في الغابة أو على شاطئ البحر. توفر هذه الورشات فرصة للمشاركين للاستمتاع بجلسة جماعية يتخللها تبادل للأفكار والنقاش حول مواضيع تنمية الذات.تعتمد صوفيا على مجموعة من الأدوات الفعالة في العلاج بالضحك، مثل يوغا الضحك، علم النفس الإيجابي، تقنيات التأمل، التنفس العميق، والتثبيت الذهني، مما يسمح للمشاركين بالاسترخاء، التفاعل الإيجابي، تعزيز الثقة بالنفس، التعبير بحرية، ومشاركة مواضيع ذات أهمية شخصية لهم، كل ذلك في جو يسوده المرح، الإيجابية، والتقبل بعيدا عن أي أحكام مسبقة.

الهدف الأساسي لهذه الورشات هو تعزيز الرفاهية النفسية للمشاركين وتشجيعهم على العمل على أنفسهم. وقد تلقت هذه الورشات العديد من الشهادات والتقييمات الإيجابية، مما دفع بعض المشاركين إلى حضورها بانتظام في كل دورة.

العلاج بالضحك يعتمد على تقنيات مختلفة تهدف إلى ترسيخ أثر الضحك في الحياة اليومية. فهو ليس مجرد تعبير عفوي عن الفرح، بل يمكن تطبيقه في بيئة العمل، في الإدارة والتسيير، في العلاقات المهنية، الزوجية، والعائلية. كما يمكن استخدامه كأداة فعالة في المجال الطبي، حيث يساعد المرضى على تحسين حالتهم النفسية والجسدية.

«في ورشاتي، أوصي بشدة بممارسة التخلي عن السيطرة الزائدة كوسيلة لتعزيز الشعور بالرفاهية والسعادة. فالرغبة في التحكم بكل شيء تجعلنا نفقد الثقة في الآخرين، وهذا يؤثر سلبًا على سعادتنا. لذا، من المهم الحد من الميل إلى السيطرة، منح الثقة للآخرين، والعمل على تطوير أنفسنا من خلال التعلم، القراءة، حضور الورشات، والانخراط في أنشطة نحبها مثل الفن».

المؤشرات الثمانية للسعادة

أصبح المغربي أكثر حرصا على البحث عن سعادته، تؤكد الاخصائية النفسية «مريم الرايسي» التي تعتبر أن ثقافة و مفهوم السعادة عند المغاربة يختلف من شخص لآخر، وحسب الطبقات الإجتماعية ايضا ولكن هناك بعض العناصر المشتركة التي تظهر في تصورات المغاربة حول السعادة أبرزها تقوية العلاقات الاجتماعية التي تعتبر ركيزة اساسية اليوم في الحفاظ على الصحة النفسية بالإضافة لعناصر أخرى يمكن التعرف عليها من خلال سيكلوجية المغربي الذي أصبح مفهوم سعادته متغيرا ومختلفا عما سبق. 

وتضع مريم الرايسي، بعض المؤشرات التي يبني عليها المغربي تصوره للسعادة.

1.العائلة: تعتبر العائلة مصدرًا أساسيًا للسعادة عند المغاربة فالعلاقات القوية مع الأهل والأصدقاء تعتبر مهمة جدًا عند المغاربة.

2. الدين: الإسلام يلعب دورًا هامًا في حياة المغاربة، والصلاة والصوم والصدقة تعتبر وسائل لتحقيق السعادة الروحية عندهم.

3. التراب الوطني:المغاربة يعتبرون التراب الوطني مصدرًا للسعادة والفخر. الحب للوطن والانتماء له تعتبر قيمًا مهمة.

4. النجاح المهني: النجاح في العمل والمهنة يعتبر مصدرًا للسعادة عند المغاربة. الحصول على وظيفة مستقرة ومتطورة يعتبر هدفًا هامًا.

5. الصحة الجيدة: الصحة الجيدة تعتبر مصدرًا للسعادة عند المغاربة. الحفاظ على الصحة واللياقة البدنية يعتبر مهمًا جدًا.

6. الترفيه والاستجمام: المغاربة يحبون الترفيه والاستجمام. القضاء وقتًا مع الأهل والأصدقاء في الأنشطة الترفيهية يعتبر مصدرًا للسعادة.

7. الاحترام والتقدير: الاحترام والتقدير من الآخرين يعتبر مصدرًا للسعادة عند المغاربة. الحصول على الاعتراف والتقدير من الآخرين يعتبر مهمًا جدًا.

8. الاستقرار المالي: الاستقرار المالي يعتبر مصدرًا للسعادة عند المغاربة. الحصول على دخل مستقر ومتطورة يعتبر هدفًا هامًا.

وأخيرا الانتماء إلى المجتمع والانخراط في الأنشطة المجتمعية يعتبر مصدرًا للسعادة عند المغاربة. المساهمة في تطوير المجتمع فالسعادة يمكن أن تساعدنا على بناء علاقات أكثر صحة وإشباعا.

الضحك رديف للسعادة لا شيء أبلغ من الضحك كتعبير مباشر عن شعور بالسعادة، انها الفكرة التي استثمرت فيها «صوفيا بنتامي» الكوتش التي ابتكرت «دردشة ثيرابي».
المغاربة يخافون من الفرح، يخافون من عواقب السعادة كما لو أن الفرح جريمة...
تراجع المغرب في سلم السعادة العالمي برسم تقرير سنة 2025، مسجلا الرتبة 112 (107 برسم سنة 2024)، مناسبة للتساؤل حول علاقة المغاربة بالسعادة، تمثلاتهم عنها، وشساعة ونسبية المفهوم الذي ينسحب على أبسط العناصر إلى أهمها... السعادة كما يتحدث عنها المغاربة وصفة، فلسفة أو نمط عيش، وما سر الاقبال المتنامي على التنمية الذاتية لتعزيز الرفاهية