العنف الرقمي عصي على الضبط

شكل جديد من العنف يهيمن اليوم أيضا، انه العنف الافتراضي أو الرقمي ، وهو عنف مسكوت عنه.

بنظر  لمياء استاذة تعليم ، «نتكلم اليوم  عن أشكال العنف الجسدي، النفسي، الجنسي، لكن العنف اليوم يتم في الفضاء الرقمي أيضا وهو لا يزال ضمن الطابو، لأن النساء لا يملكن الشجاعة للتعبير عن  معاناتهن في الفضاء الافتراضي لأنها تعني بالنسبة لهن الفضيحة»

الخوف من التبليغ ووضع الشكاية   بسبب العنف الرقمي يعود بسبب خوف الضحايا من القانون الجنائي، وخطر الملاحقة القضائية بسبب العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج وفق الفصول 490 إلى 493 من القانون الجنائي، مما يجعلهن بين ناري الفضيحة او الاعتقال ؟

الأضرار العديدة التي تلحق بالنساء بسبب المقتضيات  سبق ان أنجزت بخصوصها مؤسسة «مرا» تقريرا يبين أن هذه المقتضيات لا تمنع الضحايا من الإبلاغ عن هذا العنف فحسب، بل أكثر من ذلك هي في الواقع تبيح وقوع العنف ضد المرأة وتسهله. وتوضح النتائج المتوصل إليها من خلال التقرير، الحاجة الملحة و  الضرورية إلى إلغاء هذه المواد القانونية ضمانا لحماية النساء من جميع أشكال العنف، وضمانا للتطبيق السليم للقانون 103-13 وقانون الأسرة، و للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

 

تعتبر هاجر لمفضلي أستاذة علم الاجتماع، والباحثة المتخصصة في سوسيولوجيا  الجندر والجنسانية السيبرانية

 « أن العنف الرقمي في المجتمعات المعاصرة، هو شكل من أشكال الأبيسية الجديدة، غير مرتبطة فقط بالأفراد ومختلف تفاعلاتهم وإنّما بالمؤسّسات، ونقصد بالضّبط الشّركات وإمكانيات الذكاء الاصطناعي. ومن هنا يمكن أن نصنف العنف الرقمي إلى «عنف رقمي داخلي»: قد نجده في العلاقات العاطفية والجنسية أو المجموعات، و»عنف رقمي ممارس من الخارج»، قد تتعرض له النساء من خارج العلاقة العاطفية. وهذا كله يساهم في جعل مسارات تشكّل العنف جد معقّدة، مرتبطة بالهوية الجنسية والجندرية، الأدوار الجندرية، المتخيل، الرّغبات، المعتقدات، المواقف، القيم، الممارسات…

ليفضي بنا ذلك إلى العديد من التجليات التي تفصح عن عنف رمزي مرتبط بالحياة الفردية والصور النمطية والتجارب الجنسية التي تفصح عن الخيبات وخطاب أزمة الثقة على أساس اللامساواة العاطفية، ومن هنا فالأمر لا يعني أن مواقع التواصل الاجتماعي هي مجرد كاشف للعنف الجنسي ضد النساء، وإنما هي فضاءات سيبرانية جديدة في ممارسة العنف الجنسي، وانتشار مجموعة من القيم التي ترسخ العنف الجنسي المرتبط بمجموعة من الأدوار الاجتماعية. مثل العنف الجندري والجنسي الممارس ضد النساء المتقدمات في السّن: «المّيمات»، أو التّحرش الجنسي… كآليات للعقاب الذكوري والسيطرة على الجسد الأنثوي في العوالم الرقمية.

من هنا، تصير الوسائل التكنولوجية، آليات جديدة للسيطرة والهيمنة، مما يجعل الخاصية الأساسية للعنف الرقمي، هي التهجين وسرعة الانتشار، لتتلاشى بذلك الحدود بين العوالم الرقمية والفيزيقة، لكن يبقى الجسد هو الرابط الأساسي بين هذه الحدود».

شهدت سنة 2020 التوقيع على إعلان مراكش تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم.
شكل جديد من العنف يهيمن اليوم أيضا، انه العنف الافتراضي أو الرقمي ، وهو عنف مسكوت عنه.
قبل ما يناهز ست سنوات، دخل قانون العنف 103.13 حيز التنفيذ، بأفق يطمح لتطويق ظاهرة العنف ضد النساء، ورغم اكراهات الولادة المتعسرة، فقد أصبح للمغربيات قانون يرفع شعار الحماية الزجر والوقاية من العنف المرتكب ضدهن. بعيدا عن النص القانوني، يكشف الواقع «واقعا» غير مسيج بالحماية من العنف، مما يطرح اشكالات ترتبط بمعرفة هذا القانون وحدود تطويقه لظاهرة العنف.