مدرسة مبدعة ومجتمع متجدد

في ظل التحديات الكبرى التي يواجهها المغرب في سياق مشاريع التنمية الممتدة حتى عام 2030، يتساءل الكثيرون: هل يمكن الحديث عن دخول ثقافي يسبق الدخول المدرسي ويواكب الطموحات التي يسعى المغرب إلى تحقيقها؟ التعليم، بصفته أحد أهم ركائز التنمية واللوجستيات، لا يمكن فصله عن البعد الثقافي الذي يكمله ويغذيه. فالثقافة والتعليم وجهان لعملة واحدة، يساهمان معًا في بناء مجتمع متكامل ومتناغم.

ما يجعل الربط بين الدخول الثقافي والدخول المدرسي ضروريًا هو التكامل الواضح بين وظائفهما البنيوية والمعرفية. قد يبدو للبعض أن هذا الربط غير واضح في ملامحه الاستراتيجية، إلا أن الواقع يؤكد أن التعليم والثقافة يساهمان بشكل متزامن في تشكيل وعي الأجيال القادمة. من هذا المنطلق، يصبح من الضروري على مختلف الأطراف المعنية بالمشهد التربوي والثقافي في المغرب أن تتبنى رؤية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار هذا الارتباط الوثيق.

في العام الماضي، أعلنت الحكومة المغربية عن مجموعة من الإجراءات والتغييرات التي من المفترض أنها دخلت حيز التنفيذ مع بداية الموسم الدراسي الماضي. هذه التغييرات شملت توسيع العرض المدرسي في المناطق القروية، وتعميم جودة التعليم الأولي، وتعزيز برامج الدعم الاجتماعي. ورغم بعض التحديات، مثل أزمة طلبة كليات الطب، إلا أن الحصيلة التي قدمتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة للموسم الدراسي المنصرم كانت إيجابية إلى حد ما.

لكن، وبالرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، يظل التحدي الأكبر هو إعادة الثقة بين المدرسة العمومية والمواطن. هذه الثقة لا يمكن استعادتها إلا من خلال التزام الحكومة بتنفيذ إصلاحات حقيقية وعميقة. هذه الإصلاحات يجب أن تشمل دعم تمدرس الفتاة القروية، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وتوفير بيئة تعليمية محفزة تمكن الطلاب من تحقيق إمكاناتهم الكاملة.

إلى جانب ذلك، يبرز دور التنشئة الاجتماعية في تعزيز القيم التي تدعم الابتكار والإبداع. في كثير من المجتمعات العربية، تركز التنشئة الاجتماعية على الجمود وعدم الإبداع، ما يحد من قدرة الأفراد على الابتكار والمغامرة. هذا النقص في التشجيع على الابتكار يظهر في ضعف الأداء التعليمي وفي العديد من المجالات التي تتطلب تفكيرًا إبداعيًا.

من هنا، فإن محاربة الهدر الدراسي تتطلب حلولًا تعتمد على استراتيجيات شاملة، تأخذ بعين الاعتبار السياقات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة. ينبغي جعل التلميذ محور الاهتمام، وتوفير بيئة تعليمية تحفزه على التفكير النقدي والإبداع. يجب ربط المؤسسة التعليمية بمحيطها الاجتماعي بشكل يساعد على تكوين مواطن متشبث بقيم المواطنة والهوية، وفي الوقت نفسه منفتح على قيم العصر والديمقراطية.

في النهاية، الفجوة بين التعليم والثقافة في المغرب ليست مجرد فجوة في النظام التعليمي، بل هي فجوة تحتاج إلى إعادة نظر جادة في الأسس التربوية التي تقوم عليها. إذا كان المغرب يسعى حقًا إلى تحقيق تقدم مستدام، فإن عليه أن يركز على تنمية قدرات أبنائه التعليمية والثقافية على حد سواء.

وكما عبر الكاتب المغربي أحمد بوزفور، «اتركوا الحرية للبراعم كي تتفتح». فقط من خلال التعليم المبدع والثقافة المتجددة يمكن للمجتمع المغربي أن يحقق طموحاته ويكون قادرًا على مواجهة تحديات المستقبل.

يستند مشروع "قطرة" الذي قامت بتطويره مجموعة من الطلاب بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن في الدار البيضاء، إلى تطبيق على الهاتف النقال مرتبط بجهاز ذكي لإدارة المياه.
تأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية موسعة يرعاها المجلس الإقليمي لتنمية القطاع السياحي وجعل الإقليم نقطة جذب للسياحة الوطنية والدولية على حد سواء.
تجسد هذه الحملة، التي أطلقها المرصد الوطني لحقوق الطفل تحت شعار “لنعمل معا”، بإشراف من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، عزم المغرب على حماية أطفاله من التنمر المدرسي، الآفة العالمية التي تتطلب التزام الجميع.