لكل فرد حياته المستقلة عن الآخر التي يجب ألا تتوقف، هي حياة مشتركة في التدبير، هذا صحيح..، تعبرها صدمة مواجهة التناقض وما لا نحبه في الطرف الآخر من طباع وأهداف. هي سنة اكتشاف لثلاثة أمور أساسية: مكامن الشبه في الشريك التي نحبها، الأشياء التي نختلف فيها لكنها قابلة للتغيير، الأشياء المتناقضة جدريا وهي جزء من بنية الشخص، يحدث التصادم عند محاولة تغيير الآخر وهذا هو تحدي السنة الأولى من الزواج.
تضحيات في سبيل الحب.. إلى أي حد؟
تحكي لنا عاليا قصتها: “تركت عملي الذي أحبه من أجله، كان من عائلة معروفة ومقتدرة في الدار البيضاء، عرسنا كان أسطوريا تكلم عنه الجميع وأشادوا به، فقد استمرت الاحتفالات على مدى أربع أيام، لا أستطيع أن أصف مدى سعادتي وقتها، غير أن الواقع كان مختلفا بعد اختفاء الضيوف وخلو شقتنا من الناس”.
“بدأ يعيب على كل أمر أفعله كان يبحث عن الكمال ويدفعني للقيام بأشياء فوق استطاعتي، يتحكم في ماديا ويرفض إعطائي أي مصروف، حتى العاملة المنزلية التي كانت تساعدني في البيت لم يكن يرغب في دفع أجرتها، صبرت لعل الأوضاع تتغير، قلت أن السبب هو خوفه وخجله من مرضه، فقد مرت خمس أشهر على زواجنا دون علاقة جنسية، مع تزايد الضغط من أسرته حول حملي المتأخر.».
“أحسست بثقل المسؤولية وحدي دون مساعدة منه، كان دائما ما يتهرب من مهامه ويتركني في البيت وحيدة. يسبني بأسوء الأوصاف.. لا شيء يثنيه عن أفعاله حتى خالقه، ذلك أنه لم تكن له علاقة بالدين، لم يكن يزعجني الأمر قبل ارتباطي به، لكن تغير الأمر مع انكشاف ألوانه الحقيقة، وبدأ الأمر يأثر علي سلبا ، خصوصا عندما مد يديه وضربني ضربا مبرحا.. كانت هذه القشة التي قسمت ظهر البعير، وتطلقنا بعد سنة زواج”.
الماديات، الجفاف العاطفي، الأسرة.. أوجه لعملة واحدة
تقول بشرى المرابطي الاختصاصية النفسية والاجتماعية، لـ”نساء من المغرب”، إن “السنة الأولى من حياة الأزواج تواجه ثلاث مشاكل كبرى، المشكل الأول هو كفية تدبير البيت بالإضافة إلى المسؤولية المادية في الحياة الزوجية التي تقوم أساسا على الإمكانيات المادية، وبما أن كل طرف تعود على نمط معين داخل أسرته، الآن عليه التأقلم مع الشريك، وينبغي كذلك الوعي بأن الاحتياجات الذاتية والأسرية كزوج وزوجة تتغير على حسب التمثيلات الاجتماعية، وبما أنها تختلف من شخص لآخر حسب توقعاته يمكن أن يكون الرد جارحا أو يؤدي لفتور في العلاقة سواء آنيا أو بإثر تراكمات ذات علاقة بالموضوع”.
وكحل لهذا المشكل، اقترحت الأخصائية للأزواج قبل الارتباط ودخول عش الزوجية الخاص، أن يقوم الرجل والمرأة على حد سواء بالقيام بتدريب لمدة تقدر بين السنة على الأقل إلى ثلاث سنوات في بيت الأسرة ووالديهم والقيام بإعمال ودور كل واحد منهما في البيت، من تسوق وطبخ وجميع المسؤوليات التي يرى أباه وأمه سبقوه لها، بالإضافة الاستيقاظ المبكر واستقبال الضيوف وغيرها من المهام المنزلية”.
من جانب آخر، قالت المختصة إن ثاني مشكل عويص يصلها من العديد من الأزواج حديثي العهد هو “المشكل العاطفي”، “حيث يشتكي العديد من الأطراف من انخفاض مستوى العاطفة والشغف بينهم بعد مدة من العيش المشترك داخل بيت الزوجية، وخصوصا النساء لكون الزواج يلبي احتياجا عاطفيا كبيرا منتظرا لديهن، على عكس الرجل الذي تكون له انتظارات أخرى خاصة في العلاقة الجنسية”.
الحل للطرفين بسيط، هو أن يهتم الرجل بحياة زوجته العاطفية كي يحصل على الاهتمام الجنسي الذي يشكو من قلته في الزواج، لأن اشتياق الزوجة لزوجها ورغبتها به محركها الأساسي هو عاطفتها، فكلما كانت رغباتها العاطفية قوية كلما استمتعت وزادت رغباتها الجنسية تجاه الزوج”، لذلك أدعو الطرفين للتواصل المتواصل مع الشريك والتعبير عن الاحتياجات الثنائية والاستماع لها”.
المشكل الثالث الذي يصل إلى أيدي المختصة بشكل متكرر، هو كيفية تعايش عائلة الزوج وعائلة الزوجة مع بعضهم البعض، لاسيما المشاكل التي تقع في المناسبات والاحتفالات، وإلغاء أسرة هذا أو أسرة ذاك في تجمع ما، لذلك من المهم بالنسبة للشركين بعيدا عن توجيهات الأسرتين، الجلوس للتحدث بعيدا عن لغة تبادل الاتهامات، وتقبل الاختلافات والتحدث على كيفية تسيير الأمور بطريقة تناسب الجميع، دون تراكمات، كما أقترح أن يتجنب الأزواج إنجاب الأطفال على الأقل قبل سنة، لأنها سنة اكتشاف مع ضرورة الانتباه للاضطرابات النفسية والعقلية التي يمكن أن تكون لدى الشريك”.
هل بإمكاني الاختيار؟
من جانبها تروي لنا صوفيا: “في العام الأول، أمضينا أجمل أوقات حياتنا، الأمر المميز هو أننا أصدقاء، سرعة التفاهم كانت عاملا أساسيا في نمو الحب بيننا، نشاهد التلفاز والبرامج سويا، نطبخ سويا ونقسم المهام، لدينا نفس دائرة الأصدقاء وكان هذا عاملا إيجابيا لصالحنا، كما أنه ليس بيننا أسرار، كلما وقع مشكل، كنا نجلس ولا نقوم من على الطاولة إلا بعد حله بطريقة ترضي الطرفين، نحاول ألا نطول الخصام، وأن أكون عادية وطبيعية حوله دون تصنع، لأن الحقيقة ستظهر آجلا، نتشارك أغلب الاختيارات والاهتمامات، خصوصا أننا درسنا بنفس المجال نفس الثقافة والخلفية، طيش الشباب والمغامرات..”
تضيف: “لا أترك كاهل الصلح عليه أو علي، دائما ما نصالح بعضنا ونحاول تقبل عيوبنا، في الأول كان الجو مليئا بالأحلام والمشاعر والحب وإن كان بعيدا عن الواقع. نمنح أنسفنا مساحة شخصية وحق التعبير عن الرأي حتى المشاكل بيننا كانت حلوة لأننا ننتظر الصلح والحب، بعد سنوات تكلل حبنا بطفلة جميلة، وها نحن الآن بعد 13 عام، خفت شرارة الحب لكن الذي بقي يجمعنا هو الصداقة وفن الحوار، رغم المشاكل الأسرية التي تعاني منها أي عائلة والتغيرات في شخصية كل واحد منا مع مرور الوقت، فقد أصبحت أعرفه أكثر من نفسي، وما يمدنا بالرغبة في الاستمرارية هو فقط الاختيار، فقد اخترت أن أبقى مع شريكي وأستمر في العلاقة”.