احتضن رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ندوة فكرية تحت عنوان “التراث المادي واللامادي من الحفظ إلى التثمين”، وذلك في إطار فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط. وشهدت الندوة مشاركة نخبة من الخبراء والفاعلين في مجال التراث والثقافة، الذين ناقشوا آليات حماية الموروث الثقافي المغربي وسبل تعزيز قيمته.
حماية التراث.. مسؤولية مشتركة
في كلمته الافتتاحية، أكد إبراهيم المزند، المدير الفني لمهرجان “تيميتار”، على ثراء وتنوع التراث الثقافي المغربي، مشيراً إلى أن هذا الإرث يشكل ركيزة أساسية للهوية الوطنية. وأوضح المزند أن “الحفاظ على التراث يتطلب تبني استراتيجية متكاملة تشمل التثمين والتدبير والترويج”، داعياً إلى إشراك المجتمع المدني والسكان المحليين في هذه الجهود، خاصة فيما يتعلق بالفنون المصنفة ضمن التراث اللامادي للإنسانية مثل فنون كناوة والملحون.
التراث.. محرك للتنمية الاقتصادية
سلط المشاركون الضوء على الأبعاد الاقتصادية للتراث الثقافي، حيث أشار المزند إلى أن “المهرجانات الثقافية مثل تيميتار تساهم في خلق فرص عمل وتوليد عائدات اقتصادية تفوق في بعض الأحيان تلك المتأتية من الفعاليات الرياضية”. من جانبه، أكد عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، على أهمية توظيف التراث في الصناعات الثقافية والسياحية، مشدداً على ضرورة “الاستثمار في التربية والتحسيس لدى الناشئة للحفاظ على هذا الموروث”.
إطار قانوني متطور
قدم يوسف خيارة، المكلف بمهمة بشركة الرباط الجهة للتراث التاريخي، قراءة في مستجدات القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على التراث الثقافي، موضحاً أن “التعديلات الأخيرة وسعت نطاق الحماية ليشمل التراث اللامادي والتراث المغمور بالمياه”. وأشار خيارة إلى أن “القانون الجديد يعزز آليات مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية”، داعياً إلى تعزيز التنسيق بين المؤسسات المعنية.
يذكر أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يشارك في الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب ببرنامج ثري يشمل 70 نشاطاً ثقافياً وفكرياً، بمشاركة 250 طفلاً من مختلف جهات المملكة و100 من الأدباء والخبراء الدوليين. ويتضمن البرنامج سلسلة من الندوات وورش العمل التي تناقش قضايا التراث وحقوق الإنسان عبر خمسة فضاءات مخصصة للحوار والإبداع.
واختتمت الندوة بتأكيد المشاركين على الحاجة إلى تبني مقاربة شاملة لحماية التراث، تجمع بين الجوانب القانونية والتربوية والاقتصادية، مع التركيز على دور المجتمع المدني والمبادرات المحلية في صون هذا الإرث الحضاري للأجيال القادمة.